الصفحة الرئيسية
>
آيـــة
{فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ. فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ}
إنه موقف عصيب في حياة النبي موسى عليه السلام يقصه الله علينا فبعدما مر يوم على حادثة القتل وأصبح في المدينة خائفا من انكشاف أمره، يترقب الافتضاح والأذى. ولفظ {يترقب} يصورهيئة القلق الذي يتلفت ويتوجس، ويتوقع الشر في كل لحظة.وبينما هو في هذا القلق والتوجس إذا هو يطلع:{فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه}!
إنه صاحبه الإسرائيلي الذي طلب بالأمس نصرته على القبطي. إنه هو مشتبكا مع قبطي آخر؛ وهو يستصرخ موسى لينصره، ولكن صورة قتيل الأمس كانت ما تزال تخايل لموسى. وإلى جوارها ندمه واستغفاره وعهده مع ربه. فإذا هو ينفعل على هذا الذي يستصرخه، ويصفه بالغواية والضلال.
{قال له موسى: إنك لغوي مبين}.
غوي بعراكه هذا الذي لا ينتهي واشتباكاته التي لا تثمر إلا أن تثير الثائرة على بني إسرائيل. ولكن الذي حدث أن موسى - بعد ذلك - انفعلت نفسه بالغيظ من القبطي، فاندفع يريد أن يقضي عليه كما قضى على الأول بالأمس، فقد طال الظلم ببني إسرائيل، فضاقت به نفس موسى - عليه السلام - حتى رأيناه يندفع في المرة الأولى ويندم، ثم يندفع في المرة الثانية لما ندم عليه حتي ليكاد يفعله، ويهم أن يبطش بالذي هو عدو له ولقومه.
ويبدو أن رائحة فاحت عن قتيل الأمس، وأن شبهات تطايرت حول موسى. فلما أراد موسى أي يبطش بالقبطي الثاني واجهه هذا بالتهمة، لأنها عندئذ تجسمت له حقيقة، وهو يراه يهم أن يبطش به، وقال له تلك المقالة: {أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس؟}
أما بقية عبارته: {إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين}. فتلهم أن موسي كان قد اتخذ له في الحياة مسلكا يعرف به أنه رجل صالح مصلح، لا يحب البغي والتجبر. فهذا القبطي يذكره بهذا ويوري به؛ ويتهمه بأنه يخالف عما عرف عنه. والظاهر أن موسى لم يقدم بعد إذ ذكره الرجل بفعلة الأمس على قتله أو إيذائه.
المزيد |